بقلم نور المسعودي– مجلة فسيفساء
مارس، 2025

احدى الفرق الموسيقية اثناء عرض الليوة
الليوة إحدى أهم الفنون الشعبية القطرية التي تعكس عمق التراث الثقافي في منطقة الخليج، وهي نوع من الرقصات التي تحمل طابعًا خاصًا وتمثل أحد ألوان الفن الشعبي المستمد من الجذور الأفريقية وبرغم أن الليوة تُعد سمة مميزة من ثقافات شبه الجزيرة العربية، فإن جذورها تنحدر من الجنوب الأفريقي، حيث تُظهر تأثيرات تاريخية تعكس التبادل الثقافي والاجتماعي بين المجتمعات.
وتتميز الليوة بإيقاعها الخاص الذي يعتمد على حركة القدمين واليدين بشكل متناغم، حيث يقوم الراقصون بأداء حركات دائرية وأسلوب رقصة متكرر في تناغم مع الطبول والأدوات الموسيقية التقليدية، ومع أن الليوة في قطر تأثرت بالبيئة المحلية والمجتمعية، إلا أنها تحتفظ بجوهرها الأفريقي الذي يعتمد على الأصوات الحماسية والرقص الجماعي.
في البداية، كانت الليوة تمارس بشكل أساسي في الاحتفالات والمناسبات الاجتماعية، مثل الأعراس والمهرجانات الشعبية، حيث يقوم الراقصون بالتنقل في دائرة ويتبادلون الحركات الرشيقة والمبهجة على أنغام الطبول والأدوات الموسيقية المحلية مثل الدفوف والطار، ويعتبر هذا الفن الشعبي وسيلة للاحتفال بالأعياد والتقاليد، حيث يتم تبادل الفرح والطاقة الإيجابية بين أفراد المجتمع.
كما ان الليوة ليست مجرد رقصة، بل هي وسيلة للتعبير عن الفخر والاعتزاز بالهوية الثقافية، وهي تجمع بين الأجيال المختلفة في مشهد احتفالي حيوي وعلى الرغم من أن هذا الفن قد نشأ في المجتمعات الأفريقية، إلا أن الليوة في قطر أصبحت سمة من سمات الثقافة القطرية المحلية، حيث يشارك فيها الشباب والكبار على حد سواء، مما يعزز من الوعي الثقافي الجماعي ويُسهم في نشر الفنون الشعبية بين الأجيال الجديدة، كما انها ليست مجرد رقصة فردية، بل تُؤدى جماعيًا، مما يعكس روح التعاون والمشاركة التي تربط أفراد المجتمع القطري. وعادةً ما تُرافق هذه الرقصات احتفالات غنائية تُعبّر عن القصص الشعبية أو التاريخية التي تشكل جزءًا من التراث القطري.
و تُعتبر الليوة جزءًا لا يتجزأ من التراث القطري الذي يتم الحفاظ عليه وتنظيم فعاليات ومهرجانات للتعريف به وأصبحت هذه الرقصة تُعرض في العديد من المناسبات الثقافية والفنية، مثل المهرجانات التراثية والاحتفالات الوطنية، حيث تُعد مصدرًا للفخر الوطني والاحتفاء بالثقافة الشعبية في قطر؛ كما يُنظم لها عروض خاصة في المدارس والمراكز الثقافية لتعريف الأجيال الجديدة بجمالها وأهمية الحفاظ على هذا الفن التقليدي.
كما تعتبر الليوة رمزًا حيًا للانفتاح الثقافي في قطر، حيث تمتزج العناصر الأفريقية بالموروثات الخليجية والعربية لتُنتج فناً يعكس التنوع الثقافي والروح الجماعية في المجتمع القطري؛ ومع مرور الزمن، ظلّت الليوة تُنبض بالحياة وتُثير الفرح، مما يضمن لها مكانًا في قلب الثقافة القطرية المعاصرة، وتُواصل بدورها التأثير في الأجيال الجديدة التي تحتفل بهذا الإرث الثقافي في مناسباتهم ومهرجاناتهم المختلفة.